( نظر ( سعيد بشلة ) يمينا و يسارا و لما اطمأن قلبه و أيقن أن أحدا لا يراه ،
أخرج شريطا من جيبه و دسه في جيب ( مشتاق ) ،
لم يستطع المسكين السيطرة على فرحته بالشريط فتشنج منتشيا و أطلق ضحكة تشبه كثيرا ضحكة ( حسن فايق ) الشهيرة ،
همس بشلة في أذنه )
ـ عارف ها تعمل إيه ؟
ـ دي عاشر مرة تسألني .
ـ طيب يلا يا برم ، ورينا شطارتك .....
( دخل مشتاق و اصطف منتظرا دوره خلف رفاقه ،
و عندما انفض الواقفون أمامه وضع إصبعه منتشيا لعاشر مرة في نفس دواية الحبر ،
صرخ فيه أحد الجالسين )
ـ إنت يا بتاع أنت ، مش لسه داخل من ربع ساعة ؟
( اعترض آخر يجلس إلى جواره )
ـ اتقي الله يا شيخ ، حرام عليك ، ها تفتري ع الراجل ؟ ده أول مرة أشوفه ....
( تردد الرجل في تسليمه البطاقة فسحبها الجالس إلى جواره من يديه بسرعة و ناولها لمشتاق ، فانزوى بها داخل إحدى الغرف ، ما لبث أن خرج و هو يطوي البطاقة و وضعها في أحد الصناديق الشفافة و خرج مسرعا دون أن يتفوه بكلمة ،
وجد ( سعيد بشلة ) في انتظاره في الخارج يحمل المصحف )
ـ احلف ع المصحف إنك علمت على (منصور منتصر) .
ـ و رحمة أمي علمت عليه ...
ـ إنت ها تحلف لي لعاشر مرة برحمة أمك ؟
ـ طب و رحمة خال أم مراتي اللي ما عنديش أعز منه علمت عليه ، هات البتاعة بقى ما تبقاش رخم .....
ـ ماشي ، طالما حلفت بخال مراتك مصدقك ، خد آدي العلبة بحالها أهي ، حار و نار في جتتك ، بس معلش بقى .......
( فتح بشلة العلبة و أخذ منها شريط وضعه في جيبه المكتظ ، عندها اعترض مشتاق)
ـ إيه ده بقى إن شاء الله ؟
ـ إيه ؟ معونة شتا و أرضية و جمارك و شحن و تفريغ و مستشفى السرطان و ضريبة مبيعات إذال كان عاجبك ......
ـ دي عاشر شريط تاخده مني .
ـ نعم ، تعبي و شقايا ، هو إنت دافع حاجة من جيبك ؟
ـ ماشي يا عم ، بس معلش بقى تلاتة بالله العظيم ما أنا داخل البتاعة دي تاني ، الراجل كان ها يفقسني ، ده قال لي إنه شافني قبل كده .
ـ و لا يهمك منه ، يا ابني ده اللي على دواية الحبر ذات نفسه بتاعنا ، يلا يا عم عيش حياتك و ارفع راسنا بقى ، كفاية فضايح .
ـ بس البتاعة دي مفعولها أكيد يا بشلة بيه ؟ و إلا زي المرهم السكة بتاع ( لا تؤجل عمل اليوم إلى الغد ) ؟
( ضحك بشلة مقرقعا )
ـ لأ و رحمة ستي ، دي بقى في الجوووووووون ....
ـ علي النعمة تلاقيها اسبريناية و إلا برشامة من بتوع الصداع و بتضحك عليا .
ـ إنت أهبل يا له ، دي أمريكاني م الأصلي ، ده منصور بيه جايبهم بالطيارة مخصوص عشان خاطركم .
ـ قالوا الجمل طلع النخلة .....
( أسرع مشتاق يلفه الأمل في تعديل الأوضاع ،
أخيرا سيركب حصان خياله ليحلق به عاليا ،
سيرفع رأسه مرة أخرى بعد انحناءها سنوات و سنوات ،
أخيرا سيصعد سلم المجد و يدخل التاريخ من أوسع الأبواب ،
أشواق و أماني و آمال و أحلام في انتظاره )
..........................
( في المساء دخل ( مشتاق ) الصيدلية مطأطئ الرأس تتدلى أذناه ،
سأله الدكتور )
ـ مالك ياد يا مشتاق ؟ وشك أصفر كده ليه ؟؟؟؟
ـ أنا ف عرضك يا دكتور تشوف لي حل الله يكرمك ، من ساعة ما خدت البتاعة دي و أني تعبان قوي يا دكتور ...
( أخرج مشتاق العلبة من جيبه و ناولها للدكتور ،
حرك الدكتور نظارته و أخذ يقرأ المكتوب عليها )
ـ لا إله إلا الله ، جبتها منين البتاعة دي يا وله ؟
ـ واخدها هدية عشان صوت لمنصور منتصر ...
ـ صوتوا عليك من بدري يا شيخ ....
ـ بعيد عنك يا دكتور ، من ساعة ما خدت منها بتاعة و الحكاية قلبت معايا بالعكس و جاني نزيف و حالتي بقت حالة .
ـ يعني لبسوك الطرحة يا خرنج ؟ تستاهل ، ما هي دي آخرة اللي يصدق منصور منتصر و اللي زيه ....
ـ يعني إيه ؟ البتاعة دي مش أصلية زي ما قالوا لي ؟
ـ لأ يا فالح ، الحبوب دي أصلية و أمريكاني كمان ، بس منتهية الصلاحية من تلات سنين يا مغفل ....
ـ يا خراب بيتك يا مشتاق ، منتهية الصلاحية ؟ طب و العمل إيه دلوقتي ؟
ـ ما تقلقش ، حلك عندي ...
( أخرج الدكتور كيسا مزركش و وضعه بسرعة في كيس أسود و ناوله لمشتاق )
ـ يا دي الفضيحة ، هي حصلت يا دكتور ؟ إيه اللي أنت جايبهولي ده إن شاء الله ؟
ـ ما تخافش يا وله ، أنت بس إلبسلك بتاعة من دول كل يوم لمدة إسبوع و ها تخف و تبقى عال ، و ما تقلقش ، دي ناعمة و طرية و كلها حنية و بعدين أنا جايب لك الحجم الكبير اللي بالأجنحة يا مغفل .....